لافتة تقول ترجمتها نقدر لكم البقشيش
|
اتكيت البقشيش في جنوب أفريقيا
- البقشيش أو الإكرامية كما يحلو للبعض، والتي كثيراً ما تستفزنا، فالبقشيش من الأمور التي يجب أن يتعرف عليها الزائر لجنوب إفريقيا، ولعل من الطرافة أن البقشيش في جنوب إفريقيا له آدابه المقننة والمعترف بها من قبل هيئاتهم سواء الحكومية أو الخاصة.
- فالبقشيش لديهم موجود كالكثير من الدول. لكن في جنوب إفريقيا البقشيش مختلف تماماً عن ما نشاهده خصوصاً في دولنا العربية وللأسف. ولأنه ممارس بشكل كبير لديهم فحري بالسائح أن يتعرف على نظرة السكان هناك للبقشيش.
- في جنوب إفريقيا قد تستغرب أن هناك لا فتات تدعوك تلطفاً لدفع البقشيش إن أردت أنت تقديمه، كما أوردته أعلاه وهي إحدى اللافتات التي شاهدناها في مواقع أخرى، وهذه هي إحداهم في حيقة النعام في كيب تاون، فهو معترف به من قبل الكثير من المؤسسات لديهم، وهنا سوف نستعرض تلك الآداب المتعارف عليها في جنوب إفريقيا حول البقشيش، من خلال موقع السياحة الرسمي للجنوب إفريقيا.
- فقد جاء في ( موقع السياحة ) أن البقشيش ( يشير إلى تقدير الخدمة الجيدة )، والبقشيش كما ذكر يمارس بشكل واسع في جنوب إفريقيا. فقد جاء في موقع السياحة، أن في المطاعم 10 ٪ هو معيار قبول البقشيش.
- والعمال المتواجدون في المواقف وحراس الأمن من الممكن أن يحرسوا سيارتك بينما تقوم أنت بأعمالك مقابل 2 راند فأكثر على حسب إقامتك.
- وكذلك عمال تعبئة الوقود، يقومون بتنظيف زجاج سيارتك كخدمة إضافية، ويقيسون ضغط هواء الإطارات، ويقيسون الزيت والماء، كم تعطيهم ؟ من 2 راند فأكثر. ( يعني أنت وضميرك ).
- بالنسبة لي أنا لم أتقيد بتلك الآداب ( والحركات اللي ما لها داعي )، هذا سبب والسبب الآخر هو أنني لم أقرأ تلك الآداب إلا عندما عدت من تلك الدولة.
- فكنت عندما أملأ خزان وقود سيارتي، أرى عمال تلك المحطات يسارعون في تنظيف زجاج السيارة، وكنت أعتقد أنها خدمة معتادة وواجبة لدى بعض محطات الوقود، ومع أنني لم أُعطي في يوم من الأيام أياً منهم بقشيش، لكن يعلم الله أنني لم أرى أياً منهم يطلب مني ذلك، ولو بشكل غير مباشر، بل حقيقة كانوا في قمة الأدب والأخلاق.
- كذلك عمال المطاعم قمة في الأخلاق ولطيفين جداً، ولن ينتظروا منك أن تقدم لهم البقشيش، كما نشاهد تلك الحركات في دولنا العربية والتي تتجاوز المعقول إلى ( اللا معقول ) لتصبح وقاحة في بعض الدول وللأسف العربية.
- نعود للحديث حول وضع البقشيش في جنوب إفريقيا، حيث جاء في موقع السياحة لجنوب إفريقيا أن من يحمل لك الحقائب في المطار تعطيهم 5 راند على الحقيبة. وهنا لي وقفة فمن وجهة نظري لا يعتبر تقديمك مبلغ من المال لمن يحمل لك حقائبك يندرج تحت بند البقشيش، حتى إذا أسموه بذلك، بل أرى أنه ( حق لذلك الرجل الذي أجهد نفسه وقدم لك خدمة ) يجب أن تكافئه مقابل ذلك العمل. لحديث المصطفى عليه الصلاة والسلام ( أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ).
- والجدير بالذكر أن نحن الخليجيون عندما نريد أن نتجه إلى أي دولة، نستعد وكأننا سنذهب إلى صحراء سوف تنقطع بنا السبل فيها، فتجد حقائبنا تكاد تقول اتقوا الله فينا، فنحمل تلك الحقيبة ما لا طاقة لها به، ولكن نجد العقاب مباشرة لدى خطوط الطيران، كما حدث لنا مؤخراً، بدفع ضريبة قد تكون أعلى سعر مما تحمله تلك الحقيبة، لدرجة أننا أخذنا أحد الزوايا في مطار جوهانسبيرغ لنرمي الكثير مما تحمله تلك الحقائب، ومع هذا دفعنا الكثير لنكفر عن خطايانا تجاه تلك الحقائب .
- لكن ما نغفله نحن مسألة تقدير ذلك الأجر، فللأسف أنني لم أقرأ عن آداب البقشيش في جنوب إفريقيا إلا عندما عدت وبدأت أتصفح المنتدى، وخصوصاً عندما أثارت أختي المصون رومي هذا الموضوع.
- فأنا معك أختي الكريمة أننا نحن بالذات الخليجيون كثيراً ما نفسد الآخرين بالمبالغة في تقديم تلك المبالغ، وللأسف في غير محلها، وهذا ما يعيه الأجانب، لذا لم نرى أياً منهم يقدم البقشيش. وسأذكر موقف لي مع أحدهم حول هذا الموضوع.
- فمسألة تقدير البقشيش هي ما نجهلها وهذا ما حدث لي في المطار، فتخيل أخي الكريم أن معك عائلة وأطفال، وكل طفل له حقيبته، وحقائبك كثيرة، وقد تحتاج إلى عربتان في المطارات لحمل حقائبك، فبتأكيد أنك أول ما تصل للمطار ستبحث عن أحدهم لكي يعينك، على حمل تلك الحقائب، وسوف تقول أعطيه أي مبلغ لكن أتمنى أن أجد من يساعدني في ذلك .
- فإذا بأحدهم يقابلني عند موقف السيارات حيث سلمت السيارة التي استأجرتاها، وأخذ الرجل يحمل الحقائب ويحضر العربات، والمسافة طويلة إلى أن نصل لصالة المغادرة، فرافقنا إلى وزن الحقائب، ومن ثم إلى تغليف الحقائب، وعندما انتهيت من تسليم الحقائب، أعطيته 100 راند، فنظر لي بانكسار وضعف وعيناه تقول أرجوك زدني.
- فتذكرت وزن حقائبنا، وقلت الرجال رافقني وله ساعة معي من مكان لآخر يا رجال زده يستاهل، فأعطيته 120 راند، والآن لما قرأت الأجر الذي مقرر له من قبل هيئة السياحة وجدت أن أجره يفترض أن لا يتجاوز 35 راند قيمة حقائبنا حيث 5 راند عن كل حقيبة.
- فعلاً الآن أشعر إني خربته من جد، والله ما دريت عن ذا العلم وإلا ما كان شاف إلا 35 راند عن حقائبنا الصغار والكبار . فكما ذكرت أن هناك مواقف تحتم عليك تقديم البقشيش، ولكن يجب أن نفرق بين موقف وآخر، ومقدار ما نقدمه.
- أما بائعي الصحف والمجلات والذين سوف تجدهم بكثرة عند الإشارات يقول الموقع لا تقدم لهم سوى سنتات ( أما مقدارها أنت وضميرك ، يعني عطه المقسوم .
- ومن المواقف التي يجب ذكرها أنني في أثناء حواري مع أحدهم حول البقشيش، وهو سائق السيارة التي تجول بنا في سفاري صن سيتي، وقلت له لم أتوقع أن الأفارقة يأخذون البقشيش، ( يعني أفهم يا الحبيب )، قال لي أنت من أي بلد، فلما عرف أني من السعودية ابتسم.
- وقال في عام 2004م، أتى إلينا أمير من بلدكم، وطفنا به وبعد الانتهاء من تلك الجولة أخذ يقدم لكل فرد منا 200 دولار، وتخيل مقدر ذلك المبلغ بالنسبة لفقراء لا يتجاوز مدخولهم الشهري بضع دولارات.
- واستمر الرجل في الحديث وقال الآن عندما يعرف أي منهم ويقصد الأفارقة أن هذا السائح سعودي يفرح كثيراً، وهو متأكد أنك سوف تقدم له الكثير مقابل خدماته، فرددت عليه مبتسم ( لا يا الحبيب ) ترانا ناس على قد حالنا وميزانيتنا اهتزت من البقشيش اللي قدمناه، ( يعني افهم ترا مافي بقشيش ).
- فأخذنا في الحوار فإذا بنا نصل للفندق وقلت له كم يفترض أن أقدم لمن يحمل حقائبي من عمال الفندق هؤلاء وكانوا على بوابة الفندق، فقال لي خمسة أو عشرة راند بالكثير، l وقبلها كنت قد أعطيت لمن حمل حقائبي 50 راند ( ومفكر أني أبو العريف ).
- فعندما قلت له أننا أتينا بميزانية معينة وتعديناها كثيراً، فقال أنت غير ملزم بتقديم البقشيش، ولن يجبرك أحدهم على ذلك، ولا تصرف إلا بمقدار ميزانيتك، لكن للأسف أن ذلك الحوار كان آخر ثلاثة أيام لي في جنوب إفريقيا، حيث بدأت في التقشف بعدها وشد الحزام، بعد ما خربتها .
- ومن المواقف المضحكة لنا بعد هذا الحوار، أننا ذهبنا للقرية الشعبية في الصن سيتي، حيث يستقبلك أحدهم بكل حفاوة وترحيب ولطف، ويبدأ معك كمرشد لك في تلك القرية، حيث يبدؤون باستعراضات فنونهم الشعبية، ومن ثم يأخذك في جولة ويشرح لك حول ديزاين منازل الأفارقة القديمة، ( المهم الرجل اجتهد كثيراً معنا، وأجهد نفسه بالشرح وتسلية الأطفال )، وتياسير حاط في راسه ( ترا معصي تشوف مني اللي تترجاه )، وبعد تلك الجولة قال لنا أنا أتقبل إن تلطفتم علي بشيئ، ( يعني فهموها أبي بقشيش )، قلت أي حاضر خذ وعطيته 10 راند، 5 ريال، وانقلب وجهه وتفاجئ ولو أني لم أتحاور مع السائق ممكن أن أعطيه 50، ( لكن حظه الردي ).
خلاصة القول ..
- لا يجب عليك أن تقدم البقشيش ولا تخجل من هذا، وهذا ما يعيبنا نحن الخليجيون، مع علمنا أن الكثير من الخدمات التي تقدم لنا هي مدفوعة الأجر مقدماً.
- البقشيش المحمود وإن اختلفت المسميات هو أجر ذلك العمل المقدم لك في غير معصية الله فاستفتي قلبك.
- ممكن أن يكون البقشيش صدقة، وتأليف قلوب، وقد تقدمه شفقة على عباد الله، وأحياناً قد تؤثم، والتفريق بين هذه وتلك عائد لك أنت.
ومن يتق الله فهو حسبه ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق